موقف القطاع الخاص في الخليل حول قانون "الضمان الاجتماعي" بصيغته الحالية
تم النشربتاريخ : 2018-11-22
اصدر القطاع الخاص في الخليل موقفه الثابت من قانون الضمان الاجتماعي وبذلك بعد عدة اجتماعات من ممثلي مؤسسات القطاع الخاص وعليه تم اصدار البيان التالي:
يعتبر القطاع الخاص أحد أهم المكونات في الاقتصاد الفلسطيني والذي يعتبر أحد الركائز التي يعوّل عليها لتحقيق الحلم الفلسطيني في بناء الدولة وتحقيق استقلالها، وإن تنمية الاقتصاد وتعزيز أسسه هو واجب يشترك فيه القطاع الخاص والقطاع العام، ممثلا بحكومته الفلسطينية التي لم تتوانَ في توفير البيئة الاستثمارية وتعمل جاهدة لإيجاد محفزات تساهم في النهوض بالاقتصاد الوطني وتعزيز بنيانه واستقراره، وإذ نقدر ذلك عالياً كما وأنّ درء المخاطر التي تهدد هذا الاقتصاد هو واجب مشترك ايضاً.
تأتي ورقة الموقف هذه انطلاقاً من حرصنا على وطننا واقتصادنا وسعياً منا كما هو الحال ومنذ قيام السلطة الوطنية الفلسطينية, واستكمالاً لواجب القطاع الخاص الفلسطيني في حماية الاقتصاد الوطني وتمتين أسسه, كما وان الانجازات التي تم تحقيقها بالشراكة مع القطاع العام خلال الفترة الماضية والأحداث الماضية, والتعاون المشترك لتجاوز الكثير من الأزمات التي عصفت بالوطن, لهو خير شاهدٍ, وخير دافع نـحو رؤى مشتركة على طريق تسعى فيه كافة الأطراف المؤثرة نـحو بناء اقتصاد قوي يعزز من صمود المواطن الفلسطيني أمام قوة احتلالية غاشمة تسعى دوماً للنيل منه وتعرقل مسيرة نموه ونهوضه.
ومن منطلق المسؤولية والحرص, بخصوص تطبيق قانون الضمان الاجتماعي, وبعد دراسات مستفيضة واجتماعات عديدة مع الأطراف المختصة والمرجعيات ذات الصلة المباشرة وغير المباشرة تكوّن لدى مؤسسات القطاع الخاص في الخليل رأي جماعي يعتبر ان هذا القانون بصيغته الحالية وضمن الظروف والمعطيات السياسية والاقتصادية الحالية وضمن الهيكلية الادارية سواءً على صعيد مجلس الادارة او الادارة التنفيذية يضاف الى ذلك مجموع الارهاصات التي دارت حول القانون واليات تطبيقه غير قابل للتطبيق ولا يرقى الى المستوى المطلوب بل بات يقلق اقتصادنا, ويؤرق أرباب العمل والموظفين والعمال على حد سواء, رغم إدراكنا التام لأهمية الضمان الاجتماعي بالمفهوم العام, وماله من اثر ايجابي على حياة المواطن وكرامته وما يساهم به من إرساء لمعاني التكافل الاجتماعي, إذا ما اقُترن بقانونٍ قادر على حمايته يحقق عدالة اجتماعية, ولوائح قضائية تضمن شفافيته, وجهات تنفيذية ممأسسة تتسم بالكفاءة والفعالية.
ان قانون الضمان الاجتماعي يبقى غير قابل للتطبيق ما لم تكن عناصر البيئة العامة مؤاتية لذلك, واهم تلك العناصر هي امكانيات الاستدامة والشمولية الجغرافية , ولعل حالة عدم الاستقرار التي يتصف بها الوضع الفلسطيني على مختلف أصعدته الأمنية والسياسية والاقتصادية وغيرها, مع ادراكنا جميعا أن السبب الأول والأخير في ذلك هو الاحتلال الإسرائيلي, وسعيه المتواصل لتدمير أعمالنا ومؤسساتنا وشركاتنا وتهجير شبابنا وقوانا العاملة وفق خطة ممنهجة، لا يمكن اغفال دورها الكبير في تهديد عنصر الاستدامة والاستمرارية لمشروع قانون الضمان الاجتماعي ويقلل من فرص نجاحه, ككثير من المشاريع التي تتطلب الاستقرار والاستقلال وإرساء مواطن السيادة الكاملة بإذن الله.
وتبعاً لضرورة البيئة المؤاتية, فلا يمكن أن نركن جانباً موضوع الانقسام الفلسطيني بين شطري الوطن الذي تعانيه المؤسسات والشارع الفلسطيني في كثير من المشاريع فكيف هو الحال في مشروع يقوم اساساً على مبدأ التكافل بين أبناء الوطن الواحد.
أما على الصعيد الاقتصادي وتأثيرات تطبيق قانون الضمان الاجتماعي على الاقتصاد الفلسطيني:
-
وضع اقتصادي صعب:
إن الأوضاع الاقتصادية الحالية تتصف موضوعياً بالصعبة جداً وينعكس ذلك بوضوح من خلال مؤشرات رقمية، على صعيد النمو الاقتصادي والذي سجل تراجعاً مستمراً، ونسبة بطالة تجاوزت 31% في صفوف خريجي الجامعات وشيكات مرتجعة فاقت ربع مليار دولار خلال الربع الأول من العام الحالي، وبنسبة فاقت 13% من الشيكات المقدمة، ويد عاملة فلسطينية تتجه نـحو السوق الإسرائيلي فاق عددها 130,000, وبنسبة تجاوزت 18% من مجمل القوى العاملة.
وتحليلاً لهذه الأرقام، والتي تستدعي الوقوف، واخذ أعلى درجات الحيطة والحذر، فما تعكسه ما هو إلا حقيقة لموظف منهك لا يحتمل أي خصم إضافي، وسيكون ذلك على حساب احتياجاته الأساسية، واقتصاد لا يحتمل المخاطرة، أو المغامرة من خلال قرارات قد تودي به الى الهاوية.
-
سحب السيولة النقدية:
إن سحب السيولة النقدية بما يزيد عن نصف مليار دولار سنوياً من الأسواق الفلسطينية والتي تعاني اصلا من ضعف كبير هو أمر خطير وخاصة إذا ما تم مقارنة هذا الرقم مع حجم أسواقنا الضيقة ومؤسساته الصغيرة والمتوسطة والتي تشكل أكثر من 95% من مؤسسات الاقتصاد الفلسطيني، وبالتأكيد فان ذلك سيعرض العديد منها الى الإفلاس والانهيار خلال المستقبل القريب.
-
تأمين إصابات العمل:
عدم إعطاء الحق لمصابي العمل بالإختيار الأمثل للمكان الأفضل لتلقي العلاج, سيما أن التزاماتنا العشائرية تفرض على صاحب العمل الالتزام بعلاج الموظف مما سيضطر صاحب العمل لعمل بوليصة تأمين إضافية تجنباً للمشاكل الاجتماعية والإجراءات البيروقراطية الطويلة والمعقدة لتحويل المصاب الى المؤسسة الصحية المؤهلة.
-
حراك العمال:
إن الحراك العمالي إثر تطبيق قانون الضمان الاجتماعي وإجراءاتهم المتخذة وتهديدهم بالاستقالة، وتوجههم للحصول على تصاريح عمل في السوق الإسرائيلي في الوقت الذي تعاني فيه مصانعنا من نقص في الايدي العاملة، إضافة إلى أوضاعهم الاقتصادية ومديونيتهم والتزاماتهم البنكية، مما لا يسمح بخصم أي مبالغ إضافية، إضافة إلى إجراءاتهم الاحتجاجية، كل ذلك بات عاملاً مهدداً لاستمرارية المؤسسات والمنشآت الاقتصادية والتي تعتبر القوى العاملة أهم عناصرها.
-
نطاق تنفيذ القانون جغرافياً
ان عدم قدرة الدوائر من فرض سيطرتها على مناطق مثل H2 في الخليل ومناطق C في كافة محافظات الوطن سواءً على صعيد تسجيل المصالح التجارية والصناعية لدى دوائر الضرائب المختلفة او فرض قانون العمل او مستقبلا فرض قانون الضمان الاجتماعي او حتى تحصيل اثمان الكهرباء (اخذين بعين الاعتبار مثلا محطات توزيع السولار المهرب والتي تحرم وزارة المالية من عوائد تقدر ب 120 مليون دورا سنويا) هذا سيعطي القطاع غير المنظم فرصة تنافسية كبيرة ستؤدي اما بالإطاحة بالعديد من المشارع المنظمة خارج السوق او انتقالها الى هذه الملاجئ وتهربها ليس فقط من الضمان ولكن من كافة انواع الضرائب .
-
التعويضات ومكافأة نهاية الخدمة وفقاً لما تم تفسيره في المحكمة الدستورية:
وبناء على آلية تنفيذ هذا البند ووفقاً لما جاء في القانون، فإن ذلك سيؤثر تأثيراً كبيراً على 95% من منشآتنا الاقتصادية التي تعاني نتيجة الظروف المعقدة من نقص في السيولة النقدية وانخفاض التحصيلات المالية، والتي قد يفوق مجموع مستحقات عامليها قيمة أصولها في كثير من الأحيان، مما سيؤدي إلى هجرة رؤوس الأموال وأصحاب المصانع لدول أخرى تعمل أصلاً على جذبهم وتوفر بيئة استثمارية مشجعة، وتتوفر فيها القوى العاملة المطلوبة.
-
على صعيد القانون وآليات تنفيذه:
بعد مراجعة قانون الضمان الاجتماعي ومقارنته مع قوانين المنطقة المجاورة فإنه ومن الواضح أن العديد من بنوده ولوائح تنفيذه لا زالت مجزوءه وغير واضحة وتحتمل تفسيرات كثيرة، مما يؤثر على شفافيتها وتحقيق العدالة في تطبيقها، ويبقي الباب مفتوحاً أمام ثغراته الكثيرة، ويضاف إلى ذلك إرجاء بعض التفاصيل والتي لا تحتمل أي تأجيل كموضوع التعويضات والمنافع مما يؤثر بشكل كبير على عنصري الاستدامة والمصداقية، وفي نطاق ذلك وعلى سبيل المثال لا الحصر:
-
إن العديد مما جاء في القانون يتعارض مع ما هو معمول به في قانون العمل الفلسطيني كموضوع الفترة التجريبية للموظفين والمتدربين المنتدبين من الجامعات، وعليه ضرورة الموائمة ما بين ما هو مستجد وبين ما هو قائم اصلاً، وفق ما ورد في نصوص الفصل السابع من هذا القانون بدلالة المادة (7).
-
افتقار القانون إلى عملة أساس موحدة، مما يبقي الاشتراكات الموردة بعملات أجنبية معرضة للتذبذب.
-
عدم وضوح معالم استثمار أموال الصندوق، من حيث الآلية أو الكيفية، إضافة إلى ما أشير إليه بموضوع عوائد الاستثمار ومما يجعل مبالغ هائلة خلال فترة تحصيل الاشتراكات بلا خطة استثمارية تتأرجح تارة بين استثمارات داخلية او خارجية وتارة بين قرار لشراء سندات حكومية، في ظل غياب جهة رقابية قادرة ومؤهلة ومما يعرض مصير هذه الأموال لخطر كبير، وعليه لا بد من العمل على ربط الصندوق بجهاز رقابي قادر على تحديد آلية وكيفية الاستثمار ووضع الضوابط التي تقلل من عنصر المخاطرة وتعتمد معايير الاستثمار الأمثل.
-
انعدام فرص الاستثمار المربح لحجم الاموال الكبيرة التي سيوفرها الصندوق سوف يدفع ادارة الصندوق الى انـحسار الاستثمار في سندات الخزينة وهذا سيكون له اثار مدمره على الاقتصاد حيث ستتحول اموال الصندوق بطريق او بأخرى الى نفقات حكومية مما سيزيد الازمة الاقتصادية.
-
في ظل محدودية الاستثمار الداخلي هناك مخاوف من منافسة القطاع الخاص بالاستثمارات.
-
ربط موضوع براءة الذمة بموضوع استكمال إجراءات الترخيص اللازمة، وفقاً لما جاء في المادة (106) يعتبر خطراً وعاملاً يزيد من بيروقراطية وإجراءات الاستثمار وانشاء المشاريع.
-
لم يتم تحديد الأمراض المهنية وإصابات العمل، وفق قائمة محددة وبشكل يمنع اي تأويلات أو اجتهادات شخصية.
-
مراجعة بند الغرامات، والصلاحيات الممنوحة في نطاق ذلك، إضافة الى الصلاحيات الممنوحة للضابطة القضائية.
-
اعتبار صاحب العمل مسؤولاً عن الوفاء بالالتزامات وفق ما جاء في المادة رقم (46) في حال اللجوء الى متعهد فرعي لتنفيذ العمل، مما يجعل صاحب العمل مسؤولاً عما يترتب من أخطاء المتعهد من الالتزامات في الوقت الذي لا يمكن لصاحب العمل مراقبة او الاشراف على عمال وموظفي المتعهد لعدم وجود أية علاقة بهم، وبهذا يصبح نص هذه المادة غير عادل في هذه الحالة.
-
على الرغم من اهمية القانون واهمية الضمان الاجتماعي الا انه لا يمكن ان يتسم بصفة الضرورة والاستعجال غير القابلة للتأخير حيث ان عدم وجود القانون لن يؤدي الى كوارث لا تحمد عقباها او يؤدي الى المساس بمنظومة حماية السلم الاهلي والامن الفردي والاجتماعي وهذا يعني عَواراً دستورياً في فرض القانون.
التوصيات:
-
تأجيل نفاذ قانون الضمان الاجتماعي لمدة عامين يتم من خلالها تعديل ما هو مختلف عليه.
-
إسقاط صيغة الإلزامية للاشتراك بالضمان لمدة 10 سنوات يكون خلالها التسجيل اختيارياً.
-
التعاقد مع بيت خبرة على مستوى دولي لدراسة التأثيرات الاقتصادية على الاقتصاد الفلسطيني حال تطبيق القانون.
-
تمكين مؤسسة الضمان الاجتماعي، من حيث العمل على توفير بنية تحتية ومؤسساتية قادرة من حيث الكادر البشري (الابتعاد عن التزكية في التوظيف) وأنظمة المعلومات والتقنيات المطلوبة لإدارة هذا النظام وفق معايير الجودة والشفافية والنزاهة المعترف بها عالمياً.
-
تشكيل فريق عمل يمثل الحكومة والقطاع الخاص والعاملين لإجراء حوار لتعديل مواد القانون بما يحقق العدالة.
-
اتخاذ كافة الإجراءات الضرورية لتعزيز الثقة بين كافة الأطراف لتحقيق العدالة والمصلحة الوطنية العليا.
-
ضرورة الوقوف أمام المظاهر الاحتجاجية، والاستماع الى مطالبها، واخذ ملاحظاتها بعين الاعتبار باعتبارها الجهة الأكثر تأثيراً وضرورة التروي قبل اتخاذ قرارات قد تؤثر على قواعد السلم الأهلي، وخاصة ان ليس هناك ما يتصف في هذا القانون بالضرورة والاستعجال.
-
اعادة تشكيل مجلس ادارة الصندوق بحيث يكون اعضائه ممثلين حقيقيين لأطراف العلاقة مع عدم اغفال التمثيل الجغرافي، والبعد التام عن تضارب المصالح شكلاً وموضوعاً.
-
عدم اغفال اهمية الاستثمار في التسويق سواءً لفكر الضمان او لشرح بنود القانون بحيث يصبح القانون وتطبيقه طموح كل فلسطيني.
-
ضرورة إيلاء موضوع مستحقات نهاية الخدمة والتعويضات القدر اللازم من الدراسة ودراسة التأثيرات ووضع آليات موضوعية لا تثقل كاهل القطاع الخاص.
-
اكمال اللوائح التنظيمية والانظمة اللازمة قبل البدء بتطبيق القانون بمدة لا تقل عن ستة أشهر
هذه هي مجمل الملاحظات والطلبات التي توصلنا اليها، آملين العمل بموجبها.